السبت، 4 مايو 2013

عصر إسماعيل : الفصل الأول : الرجعية في عصر عباس باشا الأول

عباس باشا الأول 

 * عباس حلمي الأول : 
- تولى الحكم في عام 1848 م بعد وفاة إبراهيم باشا بن محمد علي , و و ظل في الحكم حتى مقتله بقصره ببنها عام 1954 م .
- هو عباس حلمي بن طوسون بن محمد علي , و هو أكبر أفراد الأسرة العلوية سنا بعد وفاة إبراهيم باشا , كما يقتضي نظام توارث العرش القديم .
- تقلد من المناصب الإدارية في عهد إبراهيم باشا منصب مدير الغربية , ثم تولى " الكتخدائية " التي هي بمثابة رئاسة الوزراء اليوم .
- إشترك مع إبراهيم باشا في الحرب السورية و قاد فيها أحد الفيالق .
- كان هناك خلاف بينه و بين عمه إبراهيم باشا بسبب ميل عباس حلمي إلى القسوة في معاملة الأهالي و إرهاقهم بالضرائب و الجبايات , و إحتد هذا الخلاف لدرجة أن إبراهيم باشا قد إضطره إلى الهجرة إلى الحجاز و ظل بها حتى وفاة إبراهيم باشا فعاد إلى مصر ليتولى الحكم طبقا لنظام التوارث القديم الذي يجعل ولاية الحكم للأرشد فالأرشد فالأرشد - الأكبر سنا - من نسل محمد علي , و تولى الحكم رسميا في 24 نوفمبر 1848 م .
- كان عباس حلمي الأول ميالا إلى العزلة , و قام ببناء العديد من القصور في أماكن نائية عن العمران و المدن , كقصر العباسية في صحراء العباسية - التي سميت على إسمه بعد بنائه القصر - و قصرا نائيا على الجبل في طريق القاهرة السويس المقفر , و قصرا بالعطف , و قصرا في بنها على ضفاف النيل بعيدا عن المدينة .

* علاقته برجالات الحكم في عصري محمد علي و إبراهيم و بباقي أسرة محمد علي : 
- كان دائما يشك في ولائهم له , فأساء معاملتهم حتى رحل الكثير منهم إلى الأستانة و أوروبا خوفا من بطشه بهم .
- وصلت خلافاته معهم لدرجة أنه حاول قتل عمته الأميرة نازلي هانم , فهاجرت إلى الأستانة خوفا على حياتها .
- حاول أن يغير نظام وراثة العرش ليجعل إبنه إلهامي باشا ولي عهده بدلا من عمه سعيد باشا , الذي كان وليا للعهد طبقا للنظام القائم .
- فشل في محاولة تغيير نظام وراثة العرش , فقام بإضطهاد ولي العهد عمه سعيد باشا و إتهمه بالتآمر عليه و إضطره إلى أن يلزم الإسكندرية و لا يغادرها , فأقام سعيد بسراياه هناك بالقباري , و ظل فيها حتى مقتل عباس .
- بدأت في عهده الدسائس و الفتن و الجاسوسية بين الأمراء و رجال الحكم و إنتشرت الوشاية , و كان ينفي من يغضب عليه إلى أقاصي السودان و يصادر أملاكه .

* السياسات العامة في عصر عباس باشا الأول :
- تضاءل النفوذ الفرنسي في عهده و قام بإقصاء الخبراء من كبار رجال الموظفين الفرنسيين و إستغنى عن خدمات بعضهم .
- على الجهة الأخرى بدأ النفوذ الإنجليزي في الظهور لأول مرة في مصر على يد القنصل البريطاني في مصر , و هو المستر " مرى " , و قيل أن سبب نفوذه لدى عباس باشا هو محاولة الأخير الإستعانة به و بالنفوذ الإنجليزي عامة لدى الباب العالي في الأستانة لتغيير نظام وراثة العرش الذي تم إقراره بعد معاهدة لندن 1841 م , حتى يؤول عرش مصر من بعده إلى إبنه إلهامي باشا , و في روايات أخرى كي يستعين بالنفوذ الإنجليزي لمنع تدخل الأستانة في شئون مصر مما يمنحه المزيد من السلطات على البلاد .
- قام بإصلاح طريق القاهرة السويس و قام برصفه و تعبيده , و كانت هذه الفكرة بإيعاز من القنصل البريطاني , و كان غرض الإنجليز من هذه الفكرة تسهيل الطريق البري بين إنجلترا و مستعمراتها في الهند عن طريق مصر . - و كانت إنجلترا في هذا الوقت تعارض مشروع قناة السويس حتى لا تسهل على فرنسا و منافسيها الآخرين من الدول الإستعمارية نقل قواتها و أساطيلها إلى البحر الأحمر و المحيط الهندي مما يؤدي إلى تهديد السطوة الإنجليزية على مستعمراتها في الهند - .
- إستمرارا لنفوذ القنصل البريطاني , شرع عباس باشا عام 1852 م في مد خط للسكك الحديدية بين الإسكندرية و القاهرة - و هو أول خط في مصر على الإطلاق - و عهد بتخطيط المشروع إلى المهندس الإنجليزي الشهير بوبرت ستيفنسون , و قام بتنفيذ المشروع المهندسين المصريين الأوائل , و منهم : سلامة باشا إبراهيم و ثاقب باشا و مظهر باشا .
- تم إنشاء الخط الثاني للسكك الحديدية في مصر عام 1854 م بين الإسكندرية و كفر الزيات .
- يعتبر مشروع السكك الحديدية هو أعظم مشاريع العمران في عهد عباس , و يحسب له أن هذا الخط كان أول خط خارج أوروبا و أمريكا , لدرجة أن السلطان عبد العزيز - السلطان العثماني - عندما زار مصر عام 1863 في عهد إسماعيل باشا و ركب القطار من الإسكندرية إلى القاهرة , كانت أول مرة في حياته يري فيها قطارا بخاريا يمشي على سكك حديدية , و أبدى عجبه من هذا الإختراع .
- إهتم عباس باشا بملف الأمن الداخلي , و قام بإستهداف المجرمين و قطاع الطرق مما أدى إلى إستتباب الأمن في ربوع مصر.
- تدهور ملف التعليم في عهده و قام بإقفال معظم المدارس الموجودة , فلم يبق منها سوى أعداد بسيطة , كما قام بالتحجج بإنشاء مدرسة إبتدائية في الخرطوم و قام بإبعاد رموز العلم و المعرفة في مصر إلى السودان , منهم : رفاعة بك رافع - فاعة الطهطاوي - و محمد بيومي أفندي و دقلة أفندي , و ساءت حالتهم المعنوية هناك جراء ذلك الإضطهاد , و قد توفي هناك محمد بيومي أفندي كبير أساتذة الهندسة و الرياضيات في مدرسة المهندسخانة .
- إنتقى عباس من تلاميذ المدارس التي أغلقها عددا منهم و أدخلهم مدرسة " المفروزة " التي أنشأها عام 1849 , و قام بإغلاق ما تبقى من المعامل و المصانع التي أنشأها جده محمد علي بحجة الإقتصاد في النفقات .
- قام بإرسال 19 طالبا من تلاميذ المدارس المصرية في بعثات إلى أوروبا , و لكنه قام بإستدعاء معظم أعضاء البعثات الذين كانوا يتلقون العلم في فرنسا منذ عهد محمد علي .
- لم يكن مهتما بشئون السودان و قام بإهماله و إعتبره مجرد منفى نائي لمن يغضب عليهم , لدرجة أنه لم يزر السودان و لا مرة طوال فترة حكمه .

* الجيش و البحرية : 
- قام ببعض الإصلاحات الحربية التي كان قد خطط لها إبراهيم باشا قبل وفاته , مثل تجديد الإستحكامات - التحصينات - و إنشاء الطرق الحربية .
- تسرب في عهده الخلل و عدم النظام إلى إدارة الجيش على يد الأرناؤوط - الألبان - , الذين أدمج عباس منهم نحو ستة آلاف في الجيش المصري و سلحهم بالمسدسات , و كانوا هم أصحاب السلطة المطلقة في الجيش المصري في عهده .
- ظل سليمان باشا الفرنساوي القائد العام للجيش المصري كما كان في عهد إبراهيم باشا , و لكن لم يترك له عباس حلمي صلاحيات كافية للحفاظ على الجيش أو إصلاحه .
- تدهورت حالة القوات البحرية في عهده , فأوقف الترسانة عن العمل مما أدى إلى إيقاف إصلاح السفن و صيانتها الدورية , و يرجح إهماله الشديد للبحرية على أنه جزء من كراهيته لعمه سعيد باشا وريث العرش بعده , لأنه كان من رجال البحرية و كان القائد العام للأسطول المصري في عصر محمد علي .

* إشتراك مصر في حرب القرم :
- هي الحرب الوحيدة التي خاضتها مصر في عهد عباس .
- نشبت حرب القرم عام 1853 م بين السلطنة العثمانية و روسيا القيصرية , فطلب السلطان عبد المجيد من عباس باشا أن يمده بالجيش و الأسطول المصري .
- إستجاب عباس لطلب السلطان العثماني , و قام بإعادة العمل إلى الترسانة البحرية و إستدعى إليها عمالها الذين كانوا قد صرفهم من قبل , و قام بتجهيز الأسطول المصري , و عهد بقيادته إلى الأميرال حسن باشا الإسكندراني و هو أحد خريجي البعثات في عصر محمد علي .
- تشكلت الحملة العسكرية المصرية المشاركة في الحرب من عشرين ألف مقاتل بقيادة سليم باشا فتحي أحد القادة الذين حاربوا تحت لواء إبراهيم باشا في حروب سوريا و الأناضول , و أقلعت من الإسكندرية على ظهر سفن الأسطول المصري و في حمايته .
- عندما وصلت الحملة المصرية إلى ميدان القتال في " ساستريا " على نهر الدانوب , أقامت هناك حصنا عرف بطابية العرب .
- كان الروس يشنون هجمات شرسة على المنطقة و لكن القوات المصرية نجحت في التصدي لموجات الهجمات الروسية , و تمكنت من الدفاع عن المنطقة و منع الجيش الروسي من دخولها حتى نهاية الحرب في عهد سعيد باشا .

* تجنبه للنفوذ الأجنبي و الإقتراض من الخارج : 
- يحسب لعباس باشا عدم تمكينه للأجانب في البلاد و حافظ على البلاد من التدخل الأجنبي , و لم يقم بمنح الأجانب أي إمتيازات تقريبا على عكس خلفئه سعيد و إسماعيل و توفيق .
- كما يحسب له أنه لم يقترض من الخارج أبدا , و كان يجتهد لسد عجز الميزانية بدون اللجوء للقروض الأجنبية التي كبل بها خلفاؤه البلاد من بعده .

* مقتل عباس : 
- قتل عباس باشا في قصره ببنها ليلة 14 يوليو عام 1854 م , و لتفاصيل مقتله أو سببه روايتان , أحدهما رواية إسماعيل باشا سرهنك - ناظر المدرسة الحربية - في كتابه " حقائق الإخبار عن دول البحار " , أما الرواية الثانية فهي لمدام أولمب إدوار الفرنسية التي سمعت الرواية في مصر في أوائل عهد إسماعيل و قامت بنشرها بعد ذلك في كتابها " كشف الستار عن أسرار مصر " .
- تقول رواية إسماعيل باشا سرهنك أن عباس كان قد عاقب بعضا من مماليكه الأرناؤوط - الألبان - بناءا على وشاية وصلته ضدهم , فقام بجلدهم و جردهم من رتبهم العسكرية و أرسلهم لخدمة الخيول بالإسطبلات .
- ثم توسط لهم مصطفى باشا أمين خزانة عباس , فقام عباس بإصدار عفو عنهم و ردهم إلى مناصبهم , فتظاهروا بالسفر إلى قصره ببنها للقيام بتوجيه شكرهم له لعفوه عنهم , و لكنهم كانوا قد قرروا الإنتقام لما لحق بهم من العقاب و المهانة . فتآمروا مع إثنين من خدم السراي هم عمر وصفي و شاكر حسين .
و كان من عادة عباس أن يحرسه إثنان من مماليكه من خدم السراي عند نومه , و في 14 يوليو 1854م كان القائمان على حراسته هما الخادمين المتآمرين مع المماليك الساعين للإنتقام , فقاموا بفتح أبواب مخدع إسماعيل لهم و فروا هاربين و تولى المماليك قتله بأنفسهم .
- أما رواية مدام أولمب إدوار فتقول أن عمة عباس الأميرة نازلي هانم التي فرت إلى الأستانة بعد محاولته قتلها , قد قامت بإرسال مملكوين من أتباعها لقتله , فعرضا نفسيهما في سوق الرقيق بالقاهرة و قام وكيل عباش بشرائهما و ألحقهما بالخدمة في سراي بنها , و عندما جاء دورهما لحراسة عباس أثناء نومه قاما بقتله ثم فرا هاربين إلى سيدتهما في الأستانة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق